قال: فاذكر الفرق بين حكم الاختلاف.
قلت له: قال الله - عزَّ وجلَّ -:
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) الآية.
وقال: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ)
فإنما رأيت اللَّه ذم الاختلاف في موضع الذي أقام عليهم الحجة، ولم يأذن
لهم فيه.
قال: قد عرفتُ هذا، فما الوجه الذي دلك على أنَّ ما ليس فيه نص حكم
وُسِّعَ فيه الاختلاف؟
فقلت له: - قد - فرض الله على الناس التوجه في القبلة
إلى المسجد الحرام...
الأم (أيضاً) : باب (إبطال الاستحسان)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قيل: ذم الله تعالى على الاختلاف.
قيل: الاختلاف وجهان:
الأول: فما أقام اللَّه تعالى به الحجة على خلقه حتى يكونوا على بينة
منه ليس عليهم إلا اتباعه، ولا لهم مفارقته، فإن اختلفوا فيه فذلك الذي ذم الله عليه، والذي لا يحل الاختلاف فيه.
فإن قال: فأين ذلك؟
قيل: قال اللَّه تعالى:
(وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) الآية.
فمن خالف نص كتاب لا يحتمل التأويل.
أو سنة قائمة، فلا يحلُّ له الخلاف، ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس، وإن لم يكن في قولهم كتاب أو سنة.
ومن خالف في أمر له فيه الاجتهاد، فذهب إلى


الصفحة التالية
Icon