قال أبو جعفر بن جرير: «الله» أصله: «الإله»؛ أسقطت الهمزة التي هي فاء الاسم، فالتقت اللام التي هي عين الاسم واللام الزائدة، وهي ساكنة، فأدغمت في الأخرى فصارتا في اللفظ لامًا واحدة مشددة.
وقال ابن القيم رحمه الله: «فاسم الله» دل على كونه مألوهًا معبودًا، يألهه الخلائق، محبة وتعظيمًا وخضوعًا ومفزعًا إليه في الحوائج والنوائب.
فإذا قال لك قائل: ما معنى «الله»؟ فقل: هو «الإله»، فإن قال: ما معنى «الإله»؟ فقل: هو الذي يطاع فلا يعصى، هيبة وإجلالاً ومحبة وخوفًا ورجاء.
قوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾: الرَّب في اللغة المعبود والسيد والمالك والقائم بالأمور المصلح لما يفسد منها، تأتي اللفظة لهذه المعاني، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى.
ولا يستعمل «الرَّب» لغير الله؛ فلا يقال إلا لله عز وجل، وأما إذا كان بالإضافة فجائز.
مثال ذلك أن تقول: «رب الدار، ورب الدابة» ونحو ذلك؛ فهذا جائز.
وتربية الله عز وجل عامة وخاصة.
فالعامة هي خلقه للمخلوقلين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة تربيته لأوليائه؛ فيربيهم بالإيمان ويوفقهم له ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه.
مثال ذلك أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسائر المؤمنين رباهم سبحانه تربية خاصة وعامة.
وأما أبو جهل وسائر من كفر به من خلقه، فرباهم تربية عامة وأعرضوا عن التربية الخاصة.
﴿الْعَالَمِينَ﴾: جمع عالم، واشتقاق العالم من العلامة؛ لأنَّ وجود العالم علامة لا شك فيها على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته متصفًا بصفات الكمال والجلال.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾. والآية في اللغة: العلامة، ولفظ «العالم» جمع لا واحد له من لفظه، وهو مأخوذ من العلم والعلامة؛ لأنه يدل على موجده.


الصفحة التالية
Icon