-حقيقة التوحيد– عبادة الله وحده لا شريك له، ولعل هذا من الأسباب التي جعلت بعض العلماء المليباريين الأسلاف يصرفون أنظارهم عن القيام بالترجمة برهة من الزمن، والله أعلم.
المبحث الثالث: تطور جديد بنضوج فكرة الترجمة
سبق أن أشرنا إلى أن البلدان التي فتحها المسلمون العرب حظيت معظمها بتعلم اللغة العربية، وبرز اهتمام الناس بها؛ وذلك لحبّهم للإسلام والقرآن والعرب، ولله الحمد والمنّة.
إلاّ أن القارة الهنديّة لم تحظ بهذه الميزة؛ لأن الفاتحين لها كانوا عجماً من المغوليين أو الغزنويين وغيرهم. وجهود الشعب ليست كجهود الدولة، واهتمامات الأفراد محدودة؛ لذا لم تقم في مليبار للعربيّة قائمة إلا ما حصل من بعض الكتاتيب والمساجد والمدارس فحسب، ولغة الدولة هي اللغة المليباريّة الهنديّة، ومعاني القرآن الكريم لازالت حكراً على الدارسين والعلماء، والقرآن يدعو البشرية إلى التدبر والتفكر والدراسة ﴿ أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ﴾ (سورة محمد: ٢٤).
ومن هذا المنطلق بدأ بعض العلماء الأفذاذ والكتاب المتمكنين في إعداد ترجمة لمعاني القرآن الكريم في اللغة المحليّة المليبارية (مليالم)، ولاسيما بعد أن اضمحل ذلك الجوّ المشحون بتعاليم الإسلام واهتمامات الشعب باللغة العربية، بسبب انتشار الجهل، وقلة الاهتمام بأمور الدين في القرون المتأخرة كما قال - ﷺ - :"لا يأتي عليكم زمان إلاّ والذي بعده أشر منه"(١).
وكان للأفكار الصوفية المنحرفة الدخيلة عن طريق المغول والغزنويين دور كبير في ذلك التراجع والاضمحلال.
ولفظ الترمذي ( ما من عام إلاّ الذي بعده شر منه ) عن أنس، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.