بما وراء الدواء، وعلى غلبة العدو بما وراء العِدة والعُدة؛ فإن ذلك مما لا يجوز الفزع والتوجه فيه إلى غير الله تبارك وتعالى"(١).
ويقول الإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله عند قول النبي - ﷺ - ((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) (٢): "إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن يعلق سره بغير الله، بل يتوكل عليه في سائر أموره، ثم إن كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه كطلب الهداية والعلم والفهم في القرآن والسنّة وشفاء المرض وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة سأل ربّه ذلك وإن كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أن الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقه كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور سأل الله تعالى أن يعطف عليه قلوبهم"، حتى قال رحمه الله: "أمّا سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم، ويروى عن الله سبحانه وتعالى في الكتب المنزّلة: أيقرع بالخواطر باب غيري وبابي مفتوح؟ أم هل يؤمل للشدائد سوايَ وأنا الملك القادر، لأكسونّ من أمَّل غيري ثوب المذلة".
المبحث الرابع: ترجمة معاني القرآن الكريم للطائفة المتصوفة:
كما أسلفنا آنفاً فإن القرآن الكريم يحارَبُ بالترجمات الفاسدة، وكل الفئات الضالة وجدت في القرآن ميداناً خصباً تنفث من خلال ترجمة معانيه سمومها وأفكارها.
لقد دخل الفكر الصوفي الذي بدأ ينتشر من القرن الرابع منطلقاً من جهة العراق وبلاد فارس والهند في وقت مبكر عن طريق الفاتحين من المغول والغزنويين وغيرهم. حتى إن أحد رواد الفكر الصوفي: الحسين بن منصور المشهور بالحلاج المتوفى سنة ٣٠٩هـ قد قصد الهند وأخذ يدعو الناس هناك (٣).
(٢) الإمام يحيى بن شرف الدين النووي في كتابه: شرح الأربعين النووية ص ٣٢.
(٣) الحافظ أحمد بن عثمان الذهبي : سير أعلام النبلاء ١٤/٣١٥.