والمقتضى المنهجي لذلك: غرس الإجلال لحفظ القرآن في نفس المتقدم لحفظه من حيث شرف الحفظ، ومن حيث رهبة ادعاء الانتساب إلى زمرة الحفاظ إن لم يكن قائماً بالقرآن تقويماً لألفاظه، وقياماً بأحكامه، وتمثلاً لأخلاقه... (١).
ومازال حادي الشوق يأرز إلى الحرم المطهر والمسجد النبوي حيث آثار جبريل - عليه السلام - والنبي - ﷺ -... إذ ثم كان مركز تَعَلُّم ألفاظ القرآن الكريم من أمين الوحي في السماء - عليه السلام - لأمين الوحي في الأرض - ﷺ -...
ما لمطايانا تميل مالها؟........ أظن رملَ رامة بدا لها (٢)
لا تحسِبنَّ ميلها من مللٍ..... وإنما سكرُ الهوى أمالها
تجدُّ وجداً في الحُزون كلما....... تذكرت من يثرب أطلالها (٣)
وإن حدا الحادي بذكر طيبةٍ...... هيج ذكر طيبةٍ بَلبالها (٤)
فشوقُها يدفعُها حتى ترى...... آمَالها هناك، أو آجالها
المبحث السادس:
حديث المعالجة ودلالاته العامة:

(١) إذ يُلاحَظ تساهلٌ بالغٌ في حفظ القرآن من قبل المتقدِّم له... فلا هيبة له، ولا إجلال يعتريه... لكأنما يشربه شربَ الماء، غيرَ مصطحبٍ معه في مسيرة حفظه حباً أو خوفاً.
(٢) رامة: موضع في البادية، وأراد به التكنية عن البلد التي هواها فؤاده، كما هوتها القلوب... وصَرَّحَ بأنها طيبة –بعد-.
(٣) الحُزون: جمع حزْن، وهي ما غلظ من الأرض... يكني عن مشقة السفر.
(٤) البَلْبال: شدَّة الهم والوَسْواس في الصدور وحديث النفس، فأَما البِلْبال، بالكسر، فمصدر انظر: لسان العرب ١١/ ٦٩.


الصفحة التالية
Icon