وفي خصوص الفعل العملي لتلقي النبي - ﷺ - من جبريل - عليه السلام - فقد تقدم ذِكْرُ لمظاهره في صفات جبريل - عليه السلام - في الفصل الأول كما يظهر ذلك بارزاً في ثنايا البحث بما يجعل هذا الأمر قطعياً معلوماً من الدين بالضرورة.
وفي خاتمة هذا المبحث يقال:
قد جاءت آيات القيامة مفصلةً لمدلول قوله - سبحانه وتعالى - ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ "الحجر/٩" (١)، ومن هذه الآيات المؤكدة المفصلة لآية الحجر نأخذ: تكفل الله المطلق بشأن هذا القرآن: وحياً وحفظاً وجمعاً وبياناً، وهيئة تعليم ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ ﴾، وإسناده إليه - عز وجل - بكليته ليس للرسول من أمره إلا حمله وتبليغه (٢)، وحتى تبليغه بكيفيةٍ هي الكيفية ذاتها التي سمعها من الملَك كما تقدم مراراً.
المبحث الثامن:
كيفية قراءة الرسول - ﷺ - القرآن على جبريل - عليه السلام - من حيث الأمر الشرعي، والواقع التطبيقي (٣) :

(١) وبينٌ شدة وضوح هذه الآية في دورانها حول اللفظ، وفي ذلك ردٌ على من زعم أن الحفظ المضمون للقرآن الكريم منصرفٌ لمفهوم اللفظ لا للفظ... فإن زال اللفظ فأنى لنا بمفهومه؟.
(٢) وانظر: في ظلال القرآن ٦/٣٧٧٠، مرجع سابق.
(٣) أُريد بالأمر الشرعي: مجموع التوجيهات الشرعية التي أمر الله - سبحانه وتعالى - نبيه - ﷺ - بتطبيقها وأن يقرأ القرآن بها من حيث انتماؤها إلى الأحكام الخمسة، وأُريد بالواقع التطبيقي: واقع النبي - ﷺ - من حيث التزامه بتلك التوجيهات، والهدف من ذلك كما سيُذكر أعلاه التأكيد على التوقيفية في لفظ القرآن وأدائه، بالإضافة إلى الأهداف المنهجية الأخرى.


الصفحة التالية
Icon