٢- التأكيد على الحفظ في حق الرسول - ﷺ - بما ليس بعده: والمراد بذلك مقتضياته التعليمية في حق الأمة، ذلك أن الله قد تكفل بإقراء النبي - ﷺ - على هيئة قراءة جبريل - عليه السلام - لفظاً وأداء أولاً، ثم تكفل بعدم نِسِّيه من صدره ثانياً، ثم بحفظ كتابه ثالثاً... وعلى الرغم من ذلك فقد كانت المعارضة السنوية للقرآن الكريم تأخذ مجراها الدوري، مع جملة تأكيدات فيها على غايتها وفحواها (١)، كتكرار المعارضة مرتين في العام الذي توفي فيه، واستمرارها في كل ليلة من شهر رمضان مع أنه كان يمكن الاكتفاء ببعض المجالس سواء كرر جميع القرآن كل ليلة، أو فرقه على الليالي وهو الأظهر وهو ما أكده الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه لهذا الحديث حيث قال: "واستحباب الإكثار من القراءة في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار؛إذ لو كان الذكر أفضل أو مساوياً لفُعِلا، فإن اعتُرض بأن المقصود تجويد الحفظ، قلنا: الحفظ كان حاصلاً، والزيادة فيه تحصل ببعض المجالس " (٢).

(١) ولذا قال ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وفيه استحباب تكثير العبادة في آخر العمر، ومذاكرة الفاضل بالخير والعلم، وإن كان هو لا يخفى عليه ذلك لزيادة التذكرة والاتعاظ، وفيه أن ليل رمضان أفضل من نهاره، وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم، لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية ".
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري ٣١/١، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon