ولا يُعَلِّمه هذا المستوى من الدقة في الأمور العبادية التي اصطلح على تسميتها بالفرعية، ويُفْقِرَ أصل أصول الشريعة من المماثلة في دقة التعامل، بل كان مستوى الدقة في لفظ القرآن بالغاً غاية لا يصدقها عقلٌ بشري، لولا أنها نقلت... وإنما قيل: لا يصدقها عقلٌ بشري؛ لأنها لا تخطر على باله من حيث هذه الضخامة في تتبع قراءة النبي - ﷺ - حرفاً حرفاً، كنقلهم عدد شعرات النبي - ﷺ - (١)، ولَنَقْلُ حروف القرآن أخطر وأجل.
ب - بيان رُقي الصحبة بين المُعَلِّم - عليه السلام - والمتعلم - ﷺ - التي تؤدي إلى المتابعة المتميزة التي كان النبي - ﷺ - يحظى بها من جبريل - عليه السلام - بأمر الله - عز وجل -، وذي المتابعة تعطي خصوصيةً للمُعَلِّم - عليه السلام - والمتعلم - ﷺ - هنا، لا توجد بين غيرهما، لا جرم أن قول الله - سبحانه وتعالى - ﴿... فَإنَّكَ بِأعْيُنِنَا... ﴾ "الطور/٤٨" مُفَسِّرٌ لتلك العلاقة التي بلغت ذروتها، حتى يكاد جبريل - عليه السلام - لا يفارق رسول الله - ﷺ - إلا فيما ندر أمراً من ربه - عز وجل -، مع المعية العامة والخاصة لله - سبحانه وتعالى -... وذا كله يعطيك مؤشراً واضحاً على المتابعة التي كانت ألفاظ القرآن تحظى بها، واستحالة تطرق الخلل لأداء اللفظ، بله اللفظ....
ج - تثبيت ما سبق من تحليل في تعليم جبريل - عليه السلام - لرسول الله - ﷺ - لفظ القرآن، وأن ما ذُكِرَ ليس مبالغةً استهوتها الزخارف اللفظية، والعاطفة المجردة مما قد يزعم زاعمٌ أن البحث صدر منها.