جهة تأثير العوامل الخارجية: على تلقي النبي - ﷺ - من حيث أن جبريل - عليه السلام - ينتمي إلى العالم الغيبي، فقد يُزْعَم أن الموحِي له قد يكون ساحراً، أو جناً، أو يؤثر هذان في النبي - ﷺ - حال تَلَقِّيه الوحي، فيحسب الكلمة من جبريل - عليه السلام - وهي من غيره، فجماع هذه العوامل هو الاتهام بالتخيل لعدم الثقة بكون المُلْقِي بالوحي هو جبريل - عليه السلام - لاحتمالية كونه غيره.
وجهة تأثير العوامل الداخلية: ويُراد بها ما يعتري الإنسان من ضعفٍ، وقصورٍ يؤثران على استيعابه للفظ القرآن الكريم؛ إذ لم يخرج النبي - ﷺ - عن طبيعته البشرية وهو يتلقى الوحي القرآني، والنسيان والقصور البشري أنموذجان لهذا النوع من العوامل. فيتألف هذا الفصل من مبحثين:
المبحث الأول: العوامل الخارجية.
المبحث الثاني: العوامل الداخلية.
على أن شرط البحث في الكلام عن هذا الموضوع ألا يتطرق للعوامل الأخرى التي قذف بها المشركون، ولا تعلق لها بالتلقي من جبريل - عليه السلام -، كالاتهام بكونه - ﷺ - شاعراً (١)، أو كذاباً، تنزه عما يقول الظالمون، أو اتهام المسلمين بضياع شيءٍ من القرآن (٢)... ؛ إذ الخوض في ذلك مُخْرِجٌ للبحث عما هو له... ولذا فإن حركة البحث هاهنا ستنحصر في هذا الشرط دون غيره.
المبحث الأول:
دفع العوامل الخارجية:

(١) ولأن الشِعْر لا يعود إلى التخيل المُلْبٍس لشخصية جبريل - عليه السلام - بغيره، وكذلك لم يُتَكَلم عن الكهانة لأنها ترجع إلى التخيل بسبب الجن أو السحر، فتُكُلِّم عن أصلها.
(٢) انظر في هذا الباب: نكت الانتصار للباقلاني، مرجع سابق، فقد أنشأه مؤلفه لمثل ذلك.


الصفحة التالية
Icon