ويمكن للباحث أن يقول: إن قراءة التشديد ﴿ كَذَّبَ ﴾ تفيد يقينه مما رآه، وقراءة التخفيف ﴿ كَذَبَ ﴾ تفيد صدقه فيما نقل (١)... وفي ذلك تنويهٌ بمدى الدقة، وطمأنينةٌ بحقيقة الواقع المحكي... وتعدية الفعل بحرف الاستعلاء لتضمنه معنى الغلبة أي: هبكم غالبتموه على عبادتكم الآلهة، وعلى الإعراض عن سماع القرآن، ونحو ذلك، أتغلبونه على ما رأى ببصره (٢)، فهذا المقطع يؤكد تلقي الرسول - ﷺ - عن جبريل - عليه السلام - تلقي رؤيةٍ، وتمكنٍ ودقةٍ، لا رؤية قلبٍ، وعينٍ فحسب، وخص الفؤاد؛ لأن رؤية الفؤاد لا يتأتى معها تخيل، بخلاف رؤية العين التي قد تخدع خداع نظر (٣)، وقد تقدم مراراً (٤) أن رؤية النبي - ﷺ - لجبريل - عليه السلام - وسماعه له حال إلقاء الوحي يكون متصلاً بمركز السمع والبصر في الفؤاد مباشرة.
(٢) انظر: حاشية الصاوي ٤/ ١٧٥، مرجع سابق، التحرير والتنوير ٢٦/٩٩، مرجع سابق، وقيل: إن المراد أمر الإسراء والمعراج، والسياق وسبب السورة يُبعدان ذلك، وتقدم نوع إشارة لذلك، انظر : المبحث الأول من الفصل الثالث ص٧٢.
(٣) انظر: ظلال القرآن ٦/٣٤٠٥، مرجع سابق.
(٤) انظر –مثلاً-: المبحث الأول من الفصل الثالث ص٧٧.