٤- عندما يريد الله - عز وجل - من جبريل - عليه السلام - الوصول إلى النبي - ﷺ - لتبليغه الوحي-إرادة أمر وإذن (١) -فإنه يستعد للقيام بأمر الله، وهو بالأفق الأعلى، فاستعداده هنا فعليٌ بعد أن كان استعداداً فطرياً؛ ذلك بأن الأفق هو اسم للجو الذي يبدو للناظر ملتقى بين طرف منتهى النظر من الأرض وبين منتهى ما يلوح كالقبة الزرقاء، وغلب إطلاقه على ناحية بعيدة عن موطن القوم ومنه أفق المشرق وأفق المغرب، ووصفه بالأعلى ليفيد أنه من ناحية السماء (٢)، ويومئ لهذا قوله - ﷺ - :(إنما ذلك جبريل، ما رأيته في الصورة التي خلق عليها غير هاتين المرتين: رأيته منهبطاً من السماء ساداً عظم خلقه ما بين السماء والأرض) (٣).

(١) تفصيل هذه الإرادة الإلهية: في المبحث الثالث من هذا الفصل.
(٢) وقيل هي رؤيته له بحراء قد سد الأفق. انظر: (أبو حيان)محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الغرناطي ت٧٥٤ هـ: البحر المحيط ٨/١٥٧، ط٢ ١٤١١هت –١٩٩٠م، دار إحياء التراث العربي–بيروت، وقوله ﴿ دَنَا ﴾ تبعد ذلك، وقيل فيها دنا: أي النبي - ﷺ - إلى جبريل - عليه السلام -. انظر: تفسير أبي السعود ٥/٢١٨، مرجع سابق، وواضح وهن هذا القول من حيث سياق الآيات، ومن حيث طبيعة قصة الإسراء.
(٣) سنن الترمذي ٥/ ٢٦٢، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon