الفصاحة الظهور والبيان، ومنها أفصح اللبن إذا انجلت رغوته، وفصح فهو فصيح.
(٣)
الحِكَم من كون القرآن آية عقلية بيانية
أهم الحكم من ذلك هي:
لتكون محققة لعموم بعثة رسول الله- ﷺ - واستمرارها، فالله قد ارسله للعالمين جميعا، وجعل رسالته مستمرة حتى قيام الساعة.
لتكون مناسبة مع ما اشتهر به القوم الذين أُرسل فيهم- ﷺ - حيث كانوا متقدمين في البيان والتعبير والفصاحة والبلاغة.
كانت آيته في ذات رسالته وهي القرآن الذي أوحاه الله إليه، ولم تكن خارجة عنها كما حصل مع آيات الأنبياء السابقين نظرا لطبيعة الرسالة واستمرارها.
لو كانت آيته الأولى مادية محسوسة لما كان تأثيرها إلا في الذين شاهدوها وهم الذين عاشوا معه- ﷺ - أما الأجيال القادمة فلا يتأثرون بها، لأنهم لم يشاهدوها، ولذلك كانت عقلية بيانية لتؤثر بالأجيال اللاحقة حتى قيام الساعة.
كانت آيات الأنبياء السابقين قائمة على التهديد والوعيد بهدف تخويف الكافرين كما قال تعالى: ﴿ وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ﴾ [الإسراء: ٥٩].
وهذا يتفق مع مستوى البشر في العصور السابقة الذي يمكن أن يقال عن "الطفولة العقلية" التي يؤثر فيها التهديد والتخويف.
أما آية الرسول- ﷺ - فهي عقلية بيانية تتفق مع ارتقاء التفكير البشري، حيث ارتقت البشرية إلى ما يمكن أن يسمى "النضج العقلي" ولهذا خاطب الله في القرآن أسمى وأرقى ما في الإنسان، وهو عقله وقلبه، وأقام عليه الحجة بمنطق عقلي هادئ، وتفكير منطقي مقنع، ويبقى هذا المنطق مؤثرا في الإنسان إلى قيام الساعة(١).
(٤)
عناصر البيان القرآني
يقوم البيان القرآني على العناصر التالية:
دقة ألفاظ القرآن الكريم:
لقد كان القرآن دقيقا في اختيار ألفاظه، وانتقاء كلماته، فإذا صار اللفظ معرفة كان ذلك بسبب، وإذا انتقاه نكرة كان ذلك لغرض.

(١) إعجاز القرآن البياني ٤٤.


الصفحة التالية
Icon