الشيخ: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وبعد: ثم يقول الله وقوله الحق: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: ١٩٧]، والمعنى: وقت الحج أشهر معلومات، والسؤال عن عدم التحديد سؤال في محله؛ لأن الله جل وعلا ما عين هذه الأشهر وقوله تعالى في سورة البقرة أيضاً: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة: ١٨٥] فعينه، والفرق بين الأمرين أن العرب في جاهليتها لم تكن تعرف الصيام في شهر رمضان، فكان لزاماً أن يحدد ويبين ويفصل، أما الحج فإن العرب كانوا يعرفونه وإن كانوا يخلطون بالحج ما ليس منه، ويقولون: لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، أي: أذنت بأن يكون معك، المهم أنه كانت لهم أخطاء وأغلاط شركية وغيرها في هذا الشأن؛ لهذا قال الله جل وعلا: (الحج أشهر معلومات) ولم يحددها، فهي معلومات أي مشهورات معروفات بين الناس، لا يكاد يجهلهن أحد، خاصة أولئك المخاطبين الأولين بالقرآن. كلمة (أشهر) هنا جمع قلة، والقرآن إذا أتى بالأعداد من ثلاثة إلى ستة يأتي بجمع القلة كما في الآية هنا؛ لأن أشهر الحج ثلاثة، لكن عندما يأتي بأكثر يأتي بلفظ الشهور، قال الله جل وعلا: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا [التوبة: ٣٦]، فلما كانت أكثر من تسعة قال (شهور).


الصفحة التالية
Icon