ولا يعني هذا أن يفهم أحد أن لازم ذلك أن يعتقد أن الحجر يضر أو ينفع، فإنا نعلم أن الحجارة لا تضر ولا تنفع، بل النبي - ﷺ - نفسه لا يضر ولا ينفع، يعني إنما جرت هداية البشر به، لكن لا يملك أحد لأحد ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، هذا نفاه الله عن جميع خلقه. فإذا قبلنا الحجر لا يعني أننا نعتقد أنه يضر أو ينفع، وإنما نحن نقتدي بالنبي - ﷺ -.
الملقي: هناك قضية أثيرت قبل فترة ولعلكم اطلعتم على شيء منها في إحدى القنوات الفضائية، وهي دعوى وجود رموز وثنية عند المسلمين في الحج، وكان هناك تركيز على هذه القضية.
الشيخ: هذا من الجهل، وهذا يسوق إلى مسألة عجيبة نبه عليها رجل اسمه محمد الطاهر كردي المكي، وهو أن قريشاً الوثنية كانوا يعظمون الوثن والحجارة، ويختلقون الأصنام مثل هبل واللات ومناة والعزى، ومع ذلك صرفهم الله أن يعبدوا الحجر أو يعبدوا المقام، رغم أنه موجود بين أظهرهم؛ لأنه سبق في علم الله أنه سيأتي في دين الله تعظيم الحجر، وتعظيم المقام بما يناسبهما، فلو قدر أن قريشاً كانت تعظمهما وتعبدهما لقال القرشيون: أبقى محمد على شيء من ديننا، لكن الله صرفهم تماماً عن أن يعبدوا الحجر أو يعبدوا المقام. وهذا ملحظ عظيم، وأظن أن بركة العلم لها دور كبير في استنباط هذه المسائل والتنبيه إليها، وتذكير الناس بها، حتى يكون هناك حياة الاجتهاد في الأمة منبعثة منبثقة باقية، فالدين أجل وأكبر وأعظم من أن يحويه صدر رجل واحد. وحتى محمد الطاهر كردي له كتاب نسيت اسمه، ولعلي أعرج عليه بحلقات قادمه، لكنه نبه إليه ونقله عنه ساعد في كتابه فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم، وهو كتاب تاريخي فقهي مطبوع موجود في الأسواق.
الحجر الأسود واعتداء القرامطة


الصفحة التالية
Icon