الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يخفى أن الشارع الحكيم لما شرع الإحرام جعل له محظورات يمتنع على المؤمن أن يأتيها حالة تلبسه بالإحرام، ومنها الصيد، ومنها حلق الرأس، ومنها تغطية الرأس، ومنها لبس الثياب المخيطة. فهنا يتكلم الله جل وعلا عن أحد محظورات الإحرام، ذلك أن الإنسان قد يحتاج أحياناً إلى أن يحلق رأسه، فقال الله جل وعلا: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ [البقرة: ١٩٦]، فإذا وقع هذا وتعذر الصبر عليه، فإن الدين يسر، وشرع الله جل وعلا له الفدية. والفدية معناها اللغوي: أن يفتدي الإنسان نفسه، أي: أن يخرج من ذلك الذي هو فيه إلى حل مباح بطريقة شرعية، فقال الله جل وعلا: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة: ١٩٦]، فحرف (أو) أفاد التخيير، فهذه الثلاث يأتيها المؤمن المضطر على التخيير. والأصل في سبب النزول هذه الآية أن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه أهلَّ بالحج، وكان له شعر كثير، فكثرت هوام رأسه ودب القمل إليه بشدة، فلما رآه النبي - ﷺ - قال له: (ما كنت أظن أن الأمر بلغ بك إلى هذا الحد)، فأذن له أن يحلق رأسه. فالإذن بحلق الرأس من محظورات الإحرام، وشرعت له الفدية، فقال الله جل وعلا: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة: ١٩٦]، والآية قد أجملت لكن السنة فصلت، فالله جل وعلا قال: مِنْ صِيَامٍ [البقرة: ١٩٦]، وهذا ينطبق على اليوم وينطبق على الشهر وينطبق على أشهر، فجاءت السنة بأنه صيام ثلاثة أيام. أَوْ صَدَقَةٍ [البقرة: ١٩٦] والصدقة تنطبق على الكثير، وتنطبق على القليل، وعلى إعطاء الواحد، وعلى إعطاء المائة، وجاءت السنة على أنه يطعم ستة مساكين. أَوْ نُسُكٍ [البقرة: ١٩٦]: أي: ذبح ذبيحة.