الشيخ: هنا أيام العمل الصالح كمطايا للعمل، لكن دخول هذه الأيام ومعرفة أولها وآخرها مرتبط بالقمر، يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: ١٨٩]، فهي مواقيت للناس في أمورهم التعبدية، وإذا كانوا يربطون بها بعض المنافع الدنيوية فهذا لهم، لكن الأصل أن الليل الشرعي أشرف من النهار، ولهذا أسرى الله بنبيه وعرج به ليلاً، ونجى لوطاً وبنتيه بالليل، إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ [القمر: ٣٤].. وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ [الشعراء: ٥٢]، وفي الخبر الصحيح: (صلاة الرجل في جوف الليل الآخر).. (صلاة الليل مثنى مثنى).. تنزل الإله يكون بالليل، أقسم الله بالليل والنهار، فقدم الليل وقال: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى - وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى [الليل: ١-٢]، فالمقصود أن الليل مطية عظيمة لصالح العبادات. هنا تأتي مسألة أثارها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه لما سئل عن الفرق ما بين هذه الأيام العشر التي نحن بصدد الحديث عنها، وبين العشر الأواخر من رمضان.
قال رحمه الله: إن أفضل أيام العشر من ذي الحجة نهارها، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل، باعتبار ليلة القدر، وأعتقد أن هذا القول على إجماله صحيح، لكن يحتاج إلى نوع من التصويب في معنى أن ليست جميع ليالي شهر رمضان أفضل من عشر ذي الحجة، إلا الليلة التي فيها ليلة القدر، ومعلوم أن ليلة القدر ليلة واحدة، فمثلاً لو كانت في عام - على القول بالتنقل - ليلة إحدى وعشرين فلا يمكن أن نقول بعد ذلك إن بقية ليالي الشهر أفضل من عشر ذي الحجة، وقد جاء النص الصريح: (ما من أيام العمل الصالح فيهن) وبالاتفاق أن قول النبي - ﷺ - :(ما من أيام) يدخل فيه اليوم والليلة.
أفضل الأيام العشر
مداخلة: نزل الحديث في أفضل هذه الأيام، لكن هل نخصص في هذه العشر أياماً أفضل؟


الصفحة التالية
Icon