).
وعلى هذا إن حمل المتشابه على ما استأثر الله بعلمه كوقت قيام الساعة ونحو ذلك فالوقف على :( إلا الله )، وإن حمل على ما لا يتضح معناه إلا بمزيد فحص فالوقف على قوله :
﴿ والراسخون في العلم ﴾ ( (١) ). لكن هذا التنويع هنا نظري لا عملي بمعنى أن الوقف لا بد فيه من ترجيح أحد الوجهين وكذلك المعنى. وهل يعقل أن يقول عالم من علماء المسلمين إن الراسخين في العلم يعلمون ما استأثر الله بعلمه ؟، أو يعلمون وقت قيام الساعة ونحو ذلك ؟ هذا معلوم، ولكن يقال : من فهم من معنى التأويل التفسير، جعل الوقف على :( إلا الله ) ومن فهم من معنى : التأويل : الحقيقة التي يؤول الكلام إليها، فهو يقف عند قوله :( والراسخون في العلم ).
ولكن نسبة ذلك إلى السلف فيه تحكم فإن من قال بذلك من السلف لم يقولوا قلنا بالوقف على :( إلا الله )، لأننا نرى أن معنى التأويل : ينصرف إلى الحقيقة التي استأثر الله بعلمها لا بمعنى التفسير، لأنه قد اشتهر في كلامهم إطلاق التأويل على المعنى والتفسير فيمكن أن يكونوا فهموا من التأويل : التفسير والبيان أو الحقيقة التي يؤول إليها الشيء
و قد ثبت عندنا اختيارهم الوقف على :( إلا الله )، وأنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله
وقيل إن الخلاف في ذلك لفظي، فإن من قال :
الراسخون في العلم يعلمون تأويله أراد به أنه يعلم ظاهره لا حقيقته ومن قال : لا يعلم أراد به لا يعلم حقيقته وإنما ذلك إلى الله تعالى ( (٢) ).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
(٢) المفردات في غريب القرآن للراغب ص٢٥٥ وشرح الكوكب المنير ٢/ ١٥٣