و هذه الآية من الآيات التي ينبغي على كل طالب علم أن يمعن النظر في أقوال السلف ثم الأئمة المحققين في بيان معناها، فإن المبتدعة قد أكثروا من الاستدلال بها.
والكلام عليها لا بد فيه من بيان معنى المحكم والمتشابه، ومعنى التأويل فلا يصلح أن نهمل ذكره هنا لمسيس الحاجة إليه. وقد انجر الكلام على معنى الآية من باب إيضاح المثال المذكور قبل في الوقف.
قال الإمام الطبري :
(وأما المحكمات فإنهن اللواتي قد أحكمن بالبيان والتفصيل، وأثبتت حججهن، وأدلتهن على ما جعلن أدلة عليه من حلال، وحرام، ووعد، ووعيد وثواب، وعقاب، وأمر وزجر، وخبر، ومثل، وعظة، وعبر، وما أشبه ذلك، ثم وصف جل ثناؤه هؤلاء الآيات المحكمات بأنهن هن أم الكتاب، يعني بذلك أنهن أصل الكتاب الذي فيه عماد الدين، والفرائض، والحدود، وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم، وآجلهم، وإنما سماهن أم الكتاب، لأنهن معظم الكتاب وموضع مفزع أهله عند الحاجة إليه، وكذلك تفعل العرب تسمي الجامع معظم الشيء أما له، فتسمي راية القوم التي تجمعهم في العساكر أمهم، والمدبر معظم أمر القرية والبلدة أمها ) اهـ. (١)