يدلُّ على ذلك: النَّقل والسَّماع في القرآن الكريم في هذا الموضع، كما يدلُّ عليه العقل والقياس، فقد تفطن للفرق بين الأسماء المبهمة وغيرها غير واحدٍ من حذاق النحاة، فحكى ابن الأنبارى وغيره عن الفرَّاء قال: ألف التثنية في هي ألف هذا، والنُّون فرَّقت بين الواحد والاثنين، كما فرَّقت بين الواحد والجمع نون (الذين)، وحكاه المهدوي وغيره عن الفرَّاء.
وقيل: لما كان (ذا) اسماً على حرفين، أحدهما حرف مد ولين، وهو كالحركة؛ وجب حذف إحدى الألفين في التثنية، ولم يحسن حذف الأولى لئلا يبقى الاسم على حرفٍ واحدٍ، فحذف عَلَم التثنية، وكان النُّون يدلُّ على التثنية.
ومن القياس: أنَّ المفرد والجمع في أسماء الإشارة لا يظهر فيها إعراب، فكذلك المثنى، كما أنَّ الأسماء المعربة ألحق مثناها بمفردها ومجموعها؛ فكذلك الأسماء المبهمة. ولذا قال المهدوي: وسأل إسماعيل القاضى ابن كيسان عن هذه المسألة! فقال: لما لم يظهر في المبهم إعراب في الواحد ولا في الجمع؛ جرت التثنية على ذلك مجرى الواحد؛ إذ التثنية يجب أن لا تغيّر، فقال إسماعيل: ما أحسن ما قلت، لو تقدَّمك أحدٌ بالقول فيه حتى يؤنس به. فقال له ابن كيسان: فليقل القاضي حتى يؤنس به فتبسّم. وقد تقدّمه الفرّاء وغيره (١).