أولاً : قال سيد في تفسير قوله تعالى ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ ( المائدة آية ٦٤ ) قال : وذلك من سوء تصور اليهود لله سبحانه فقد حكى القرآن الكريم الكثير من سوء تصورهم ذاك وقد قالوا : إن الله فقير ونحن أغنياء عندما سئلوا النفقة ! وقالوا : يد الله مغلولة، يعللون بذلك بخلهم، فالله - بزعمهم - لا يعطي الناس ولا يعطيهم إلا القليل.. فكيف ينفقون ؟!.
وقد بلغ من غلظ حسهم، وجلافة قلوبهم، ألا يعبروا عن المعنى الفاسد الكاذب الذي أرادوه وهو البخل بلفظه المباشر، فاختاروا لفظاً أشد وقاحة وتهجماً وكفراً فقالوا : يد الله مغلولة !.
ويجئ الرد عليهم بإحقاق هذه الصفة عليهم، ولعنهم وطردهم من رحمة الله جزاء على قولهم :﴿ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ﴾. وكذلك كانوا، فهم أبخل خلق الله بمال !.
ثم يصحح هذا التصور الفاسد السقيم، ويصف الله سبحانه بوصفه الكريم. وهو يفيض على عباده من فضله بلا حساب :﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾
وعطاياه التي لا تكف ولا تنفذ لكل مخلوق ظاهرة للعيان.. شاهدة باليد المبسوطة، والفضل الغامر، والعطاء الجزيل، ناطقة بكل لسان. ولكن يهود لا تراها، لأنها مشغولة عنها باللم والضم، وبالكنود وبالجحود، وبالبذاءة حتى في حق الله !.