وعن الحسن البصري قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، وإبليس بدستميسان من البصرة على أميال، وأهبطت الحية بأصبهان، وعن أبي موسى قال: إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض، علمه صنعة كل شيء، وزوّده من أثمار الجنة، فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير، وتلك لا تتغير. وروى مسلم،
والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة. فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها».
قال بعض العارفين: كنا قومًا من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا، فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نرد إلى الدار التي أخرجنا منها، وقال الشاعر:
يا ناظرًا يرنو بعيني راقد | ومشاهدًا للأمر غير مشاهد |
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي | درج الجنان ونيل فوز العابد |
أنسيت ربك حين أخرج آدمًا | منها إلى الدنيا بذنب واحد |
ولكننا سبي العدو فهل ترى | نعود إلى أوطاننا ونسلم |
قوله عز وجل: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧) ﴾.
قال سعيد بن جيبر وغيره: الكلمات هي قوله: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، وقال مجاهد عن عبيد ابن عمير أنه قال: قال آدم: يا رب، خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني؟ أو شيء ابتدعته من قبل نفسي؟ قال: بل شيء
كتبته عليك قبل أن أخلقك. قال: فكما كتبته عليّ فاغفر لي. قال: فذلك قوله تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾، وعن ابن عباس: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾. قال: قال آدم عليه السلام: يا رب ألم تخلقني بيدك؟ قال له: بلى ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى. قال: أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة؟ قال: نعم.
وقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ تجاوز عنه، ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ﴾ على عباده، ﴿الرَّحِيمُ﴾ بخلقه. كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ