فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه، كفروا به. يقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.
قوله عز وجل: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (٩٠) ﴾.
قال مجاهد: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ﴾، يهود شروا الحق بالباطل، وكتمان ما جاء به محمد - ﷺ - بأن يبينوه. وقال السدي:... ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ﴾ يقول: باعوا أنفسهم. يقول: بئسما اعتاضوا لأنفسهم، فرضوا به، وعدلوا إليه، من الكفر بما أنزل الله على محمد - ﷺ -، عن تصديقه ومؤازرته ونصرته، وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية، ﴿أَن يُنَزِّلُ اللهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ ولا حسد أعظم من هذا. وقال ابن عباس في قوله: ﴿فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ﴾ فغضب الله عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم، وغضب الله عليهم بكفرهم بهذا النبي الذي بعث الله إليهم.
وقوله تعالى: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾، قال ابن كثير: لما كان كفرهم سببه البغي والحسد، ومنشأ ذلك التكبر، قوبلوا بالإهانة والصغار في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ أي: صاغرين ذليلين.
قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (٩١) ﴾.