عنها إلى الكعبة، ليظهر حال من يتبعك ويطيعك، ويستقبل معك حيثما توجهت ﴿مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾، أي: مرتدًا عن دينه، ﴿وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً﴾ أي: هذه الفعلة، وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي: وإن كان هذا الأمر عظيمًا في النفوس، ﴿إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ﴾ قلوبهم وأيقنوا بتصديق الرسول، وإن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه، وأن الله يفعل
ما يشاء، ويحكم ما يريد، فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك). انتهى.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾، أي: صلاتكم إلى بيت المقدس. كما في الصحيح عن البراء قال: (مات قوم كانوا يصلون نحو بيت المقدس، فقال الناس: ما حالهم في ذلك؟ فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ ).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾، أي: فلا يضيع أجورهم، فإن الله أرحم بهم من والديهم.
قوله عز وجل: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤) ﴾.
قال ابن إسحاق: حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال: (كان رسول الله - ﷺ - يصلي نحو بيت المقدس، ويكثر النظر إلى السماء، ينظر أمر الله، فأنزل الله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وَمَا