يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الآخرة، حيث جعلوا له ﴿أَندَاداً﴾، أي: أمثالاً ونظراء، يعبدونهم معه ويحبونهم
كحبه، وهو الله لا إله إلا هو لا شريك له ولا ند له، فقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾. قال الربيع: هي الآلهة التي تعبد من دون الله، يقول: يحبون أوثانهم كحب الله ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾، أي: من الكفار لأوثانهم. وقال مجاهد: ﴿يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ﴾ مباهاة ومضاهاة للحق بالأنداد، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾ من الكفار لأوثانهم.
قال ابن كثير: وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ﴾ ولحبهم لله وتمام معرفتهم به، وتوقيرهم وتوحيدهم له، لا يشركون به شيئًا، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه، ويلجأون في جميع أمورهم إليه.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾، أي: ولو يعلم الذين ظلموا باتخاذ الأنداد، ﴿إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾ عاينوه يوم القيامة، ﴿أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾، أي: لو يعلمون أن القدرة لله جميعًا، لا قدرة لأندادهم، ﴿إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾ يوم القيامة لندموا أشد الندامة ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ﴾، وهم: القادة ﴿مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ﴾، أي: الأتباع، ﴿وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾، أي: أسباب الخلاص، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾،


الصفحة التالية
Icon