وفي حديث جابر الطويل: (فلم يزل واقفًا - يعني: بعرفة - حتى غابت الشمس وبدت الصفرة قليلاً، حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه. ودفع رسول الله - ﷺ - وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: «أيها الناس السكينة السكينة». كلما أتى جبلاً أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب الْقَصْوَاءَ حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس). الحديث رواه مسلم.
وروى أحمد عن جبير بن مطعم عن النبي - ﷺ - قال: «كل عرفات موقف وادفعوا عن عرفة، وكل مزدلفة موقف وادفعوا عن محسر، وكل فجاج مكة منحر، وكل أيام التشريق ذبح».
وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾، أي: واذكروه بالتوحيد والتعظيم كما هداكم لدينه، ومناسك حجه. ﴿وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ﴾، أي: وقد كنتم من قبل هذا الهدى لمن الضالين الجاهلين بدينهم.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. قال أهل التفسير: كانت قريش وحلفاؤها ومن دان بدينها وهم الحمس، يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أهل الله، وقطان حرمه، فلا نخلف الحرم، ولا نخرج منه، ويتعظمون أن يقفوا مع سائر العرب بعرفات، فإذا أفاض الناس من عرفات أفاض الحمس من المزذلفة، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات، ويفيضوا منها


الصفحة التالية
Icon