وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾، أي: شديد عليكم، ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾، لأن في الغزو إحدى الحسنيين: إما الظفر والغنيمة، وإما الشهادة والجنة. ﴿وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ
لَّكُمْ﴾
، فإن الذل في القعود، ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾، أي: هو أعلم بعواقب الأمور منكم، وأخبر بما فيه صلاحكم.
قوله عز وجل: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٢١٨) ﴾.
سبب نزول هذه الآية: (أن رسول الله - ﷺ - بعث عبد الله بن جحش في جمادي الآخرة، قبل وقعة بدر، ونفرًا معه سرية، فلقوا عمرو بن الحضرمي وهو مقبل من الطائف في آخر ليلة، من جمادي، وكانت أول رجب، ولم يشعروا، فقتله رجل منهم وأخذوا ما كان معه). قال ابن عباس: وإن المشركين أرسلوا يعيرونه بذلك، فقال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ﴾، إخراج أهل المسجد الحرام أكبر من الذي أصاب محمد - ﷺ -، والشرك أشد منه.
وقال ابن إسحاق: ﴿الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾، أي: قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه، فذلك أكبر عند الله من
القتل، {وَلاَ يَزَالُونَ


الصفحة التالية
Icon