وقال ابن إسحاق عن محمد بن جعفر: ﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ أي: لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأجداثنا: ﴿وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً﴾، وعن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله - ﷺ - كان يكثر في دعائه أن يقول: «اللهم يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك» قالت قلت: يا رسول الله، وإن القلب ليتقلب؟ قال: «نعم، ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا وقلبه بين أصبعين من أصابعه، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه». فنسأل الله ربنا ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب. قالت قلت: يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: «بلى قولي: اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن». رواه ابن جرير وغيره. وعن أبي عبد الله الصنابحي أنه صلى وراء أبي بكر الصديق المغرب قال: فدنوت منه حتى أن ثيابي لتكاد تمس ثيابه، فسمعته يقرأ بأم القرآن وهذه الآية في الركعة الثالثة. رواه عبد الرزاق.
وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ﴾، أي: يوم القيامة ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾، أي: فاغفر لنا واعف عنا وارحمنا، وثبتنا في الدنيا على الدين، وفي الآخرة على الصراط. وقد قال الله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾. والله الموفق.
* * *