قوله عز وجل: ﴿قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) ﴾.
قال البغوي: ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾، قلوبكم من مودة الكفار، ﴿أَوْ تُبْدُوهُ﴾، موالاتهم قولاً وفعلاً، ﴿يَعْلَمْه اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ﴾، يعني: إذا كان لا يخفى عليه شيء في السماوات ولا في الأرض، فكيف تخفى عليه موالاتكم الكفار، وميلكم إليهم بالقلب؟ ﴿وَاللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. وقال الكلبي: إن تسروا ما في قلوبكم لرسول الله - ﷺ - من التكذيب أو تظهروه بحربه وقتاله، يعلمه الله ويحفظه عليكم حتى يجازيكم به.
قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ (٣٠) ﴾.
قال قتادة: قوله: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً﴾، يقول موفرًا.
وقال السدي: قوله: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً﴾، مكانًا بعيدًا. وعن الحسن في قوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ﴾. قال: من رأفته بهم أن حذرهم نفسه.
قوله عز وجل: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣١) ﴾.
قال الحسن: قال قوم على عهد نبيهم - ﷺ -: يا محمد إنا نحب ربنا، فأنزل الله عز وجل: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ فجعل إتباع نبيه محمد - ﷺ - علمًا لحبه، وعذاب من خالفه.


الصفحة التالية
Icon