مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، أي: بغير إحصاء ولا عد، لأن فضله واسع خزائنه لا تغيض.
قوله عز وجل: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (٣٨) فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) ﴾.
قال السدي: فلما رأى زكريا من حالها ذلك يعني: فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف قال: إن ربًا أعطاها هذا في غير حينه لقادر على أن يرزقني ذرية طيبة. ورغب في الولد، فقام فصلَّى، ثم دعا ربه سرًّا فقال: ﴿رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾، وقوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ وقال: ﴿رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾. وقال عكرمة: فدخل المحراب وغلق الأبواب وناجى ربه فقال: ﴿رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً﴾ إلى قوله: ﴿رَبِّ رَضِيّاً﴾... ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ﴾ الآية. قال قتادة: إنما سمي يحيى لأن الله أحياه بالإيمان.
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ﴾ قال مجاهد: قالت امرأة زكريا: يا مريم إني أجد الذي في بطني يتحرك للذي في بطنك. قال: فوضعت امرأة زكريا يحيى، ومريم عيسى، ولذا قال: ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللهِ﴾ قال: يحيى مصدقًا