يناسب أهل زمانه، فبعث عيسى السلام في زمن الأطباء، وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه.
وقوله: ﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، قال السدي: لما كبر عيسى أسلمته أمه ليتعلم التوراة، فكان يلعب مع الغلمان، غلمان القرية التي كان فيها فيحدث الغلمان بما يصنع آباؤهم. وقال عطاء بن أبي رباح: قوله:... ﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ قال: الطعام والشيء يدخرونه في بيوتهم، غيبًا علَّمه الله إياه. وقال قتادة: كان القوم لما سألوا المائدة، فكانت جرابًا، ينزل عليه أينما كانوا ثمرًا من ثمار الجنة، فأمر القوم أن لا يخونوا فيه، ولا يخبئوا، ولا يدخروا لغد، بلاء ابتلاهم الله به، فكانوا إذا فعلوا من ذلك شيئًا أنبأهم به عيسى بن مريم، فقال: ﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾.
وقوله: ﴿وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ قال: ابن جريج: قال: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ قال: لحوم الإِبل والشحوم، لما بعث عيسى أحلها لهم، وبعث إلى اليهود فاختلفوا وتفرقوا.
وقوله: ﴿فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾، قال ابن إسحاق: عن محمد بن جعفر: ﴿فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ تبريًا من الذين يقولون فيه، يعني: ما يقول فيه النصارى، واحتجاجًا لديه عليهم: ﴿فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾، أي: هذا الذي قد حملتكم عليه وجئتكم به. والله أعلم.
* * *