قال الحسن في قوله: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ قال: هو أول مسجد عُبد الله فيه في الأرض. وقال قتادة: هو أول بيت وضعه الله عز وجل فطاف به آدم ومن بعده. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله: أي: مسجد وضع أول؟ قال: «المسجد الحرام». قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى». قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون سنة». قلت: ثم أي؟ قال: «ثم حيث أدركتك الصلاة فصلّ، فكلها مسجد». متفق عليه.
قال ابن حجر في شرح البخاري: (وهذا الحديث يفسر المراد بقوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾، ويدل على أن المراد بالبيت بيت العبادة لا مطلق البيوت، وقد ورد ذلك صريحًا عن عليّ، أخرجه إسحاق بن راهويه، وابن أبي حاتم، وغيرهما بإسناد صحيح عنه قال: كانت البيوت قبله، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله.
إلى أن قال: ويؤيد قول من قال: إن آدم هو الذي أسس كلاً من المسجدين ما ذكر ابن هشام في كتاب (التيجان) : أن آدم لما بنى الكعبة أمره الله بالسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه، ونسك فيه. وبناء آدم للبيت مشهور. وقد تقدم قريبًا حديث عبد الله بن عمرو: أن البيت رفع زمن الطوفان حتى بوأه الله لإِبراهيم). انتهى.
وقوله تعالى: ﴿بِبَكَّةَ﴾، أي: مكة. قيل: سميت مكة لقلة مائها، وبكة: لازدحام الناس فيها. قال قتادة: بكة: بك الناس بعضهم بعضًا، الرجال والنساء يصلي بعضهم بين يدي بعض، لا يصلح ذلك إلا بمكة.