كتاب الله أن محمدًا رسول الله، وأن الإسلام دين الله الذي لا يقبل غيره، ولا يجزي إلا به، يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل؟
قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (١٠١) ﴾.
قال مجاهد: كان جِماعُ قبائل الأنصار بطنين: الأوس، والخزرج، وكان بينهما في الجاهلية حربٌ، ودماء، وشنَآنٌ. حتى مَنَّ الله عليهم بالإسلام وبالنبي - ﷺ -، فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم، وألفَّ بينهم بالإسلام. قال: فبينا رجل من الأوس ورجلٌ من الخزرج قاعدان يتحدّثان، ومعهما يهوديّ جالسٌ، ولم يزل يذكِّرهما أيامهما والعداوةَ التي كانت بينهم، حتى استَبَّا ثم اقتتلا. قال: فنادى هذا قومه، وهذا قومه، فخرجوا بالسلاح، وصفَّ بعضهم لبعض. قال: رسولُ الله - ﷺ -
شاهدٌ يومئذٍ بالمدينة، فجاء رسول الله - ﷺ -، فلم يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وإلى هؤلاء ليسكنهم، حتى رجعوا ووضعوا السلاح، فأنزل الله عز وجل القرآن في ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ﴾ إلى قوله: ﴿عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾. قال قتادة: علمان بيّنان وُجْدَانُ نبي الله - ﷺ -، وكتاب الله، فأما نبي الله فمضى - ﷺ -، وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم، رحمة من الله ونعمه، فيه حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.