الملائكة، كما قال: ﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ﴾، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف. وقال الضحاك: كان هذا موعدًا من الله يوم أحد عرضه على نبيه محمد - ﷺ - أنّ المؤمنين إنْ اتقوا وصبروا أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، ففر المسلمون يوم أحد وولوا مدبرين، فلم يمدهم الله. وقال عكرمة في قوله: ﴿وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ﴾. قال: فورهم ذلك كان يوم أحد، غضبوا ليوم بدر مما لقوا - يعني: الكفار -. وقال الضحاك في قوله: ﴿وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا﴾، يقول: من وجههم وغضبهم.
وقوله تعالى: ﴿بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾، أي: معلمين. قال قتادة: كان سيمًا خيلهم صوفًا في نواصيها. قال الربيع: كانوا يومئذٍ على خيل بلق. وقال ابن عباس: كان سيمًا الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم، ويوم حنين عمائم حمر. ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِندِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾، أي: ولما أنزل الله الملائكة ولعلمكم بذلك إلا بشارة لكم، وما النصر إلا من عند الله. قال ابن
إسحاق: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ﴾، لما عرف من ضعفكم، وما النصر إلا من عندي بسلطاني وقدرتي، وذلك أني أعرف الحكمة لا إلى أحد من خلقي. قال ابن زيد: وما النصر إلا من عند الله، ولو شاء الله أن ينصركم بغير الملائكة فعل. ﴿الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾، أي: العزيز الذي لا يغالب. الحكيم: في أقواله وأفعاله.
وقوله تعالى: ﴿لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ﴾. قال الحسن: هذا يوم بدر قطع الله طائفة منهم، وبقيت طائفة. وقال ابن إسحاق: ﴿أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ﴾، أو يردهم خائبين، أو يرجع من بقي منهم خائبين لم ينالوا شيئًا مما كانوا يأملون.