وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾. قال قتادة: يعزي أصحاب محمد - ﷺ - كما تسمعون، ويحثهم على قتال عدوهم، وينهاهم عن العجز والوهن في طلب عدوهم في سبيل الله. وقال ابن إسحاق: ﴿وَلاَ تَهِنُوا﴾، أي: لا تضعفوا، ﴿وَلاَ تَحْزَنُوا﴾ ولا تأسوا على ما أصابكم، ﴿وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾، أي: لكم تكون العاقبة والظهور. ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، إن كنتم صدَّقتم. يعني: بما جاءكم به عني.
وقوله تعالى: ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ﴾. قال قتادة: والقرح: الجراحة، وذاكم يوم أحد فشا في أصحاب نبي الله - ﷺ - يومئذٍ القتل، والجراحة. فأخبرهم الله عز وجل أن القوم قد أصابهم من ذلك مثل الذي أصابكم، وإن الذي أصابكم عقوبة.
وقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾. قال الربيع: فأظهر الله عز وجل نبيه - ﷺ - وأصحابه على المشركين يوم بدر، وأظهر عليهم عدوهم يوم أحد، وقد ينال الكافر من المؤمن، ويبتلى المؤمن بالكافر؛ ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه، ويعلم الصادق من الكاذب، وأما من ابتلى منهم من المسلمين يوم أحد: فكانت عقوبة بمعصيتهم رسول الله - ﷺ -.
وقوله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾. قال قتادة: فكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم، ثم تصير حوامل الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله.
وقوله تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾. قال ابن إسحاق: وليمحص الله الذين آمنوا، أي: يختبر الذين آمنوا حتى يخلصهم بالبلاء الذي نزل بهم، وكيف صبرهم ويقينهم. وقال ابن زيد في قوله: ﴿وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾، قال: يمحق من محق في الدنيا، وكان بقية من يمحق في الآخرة في النار.