وقال ابن إسحاق في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، يقول: وكذلك منّ الله على المؤمنين: إن عاقبتهم ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبًا وموعظة، فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم لما أصابوا من معصيته رحمة لهم، وعائدة عليهم لما فيهم من الإِيمان.
وقوله تعالى: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾، قال قتادة: ذاكم يوم أحد صعدوا في الوادي ونبي الله - ﷺ - يدعوهم في أخراهم، قال: «إليّ عباد الله»، قال السدي: لما شد المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم، دخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها، وجعل رسول الله - ﷺ - يدعو الناس: «إليّ عباد الله، إليّ عباد الله». قال ابن إسحاق: أنبئهم الله بالفرار عن نبيهم - ﷺ - وهو يدعوهم لا يعطفون عليه لدعائه إياهم، فقال: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾.
وقوله تعالى: ﴿فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، قال قتادة: ﴿فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ﴾ : كانوا تحدثوا يومئذٍ أن نبي الله - ﷺ - أصيب، وكان الغم الآخر قتل أصحابهم والجراحات التي أصابتهم. وقال الربيع: الغم الأول: الجراح، والقتل، والغم الآخر حين سمعوا أن رسول الله - ﷺ - قد قتل، فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح، والقتل، وما كانوا يرجون من
الغنيمة، وذلك حين يقول: ﴿لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
قوله عز وجل: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ


الصفحة التالية
Icon