قوله عز وجل: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠) ﴾.
قوله: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ﴾ : ما مزيدة للتأكيد. قال قتادة: في قوله: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ﴾، يقول: فبرحمة من الله لنت لهم. ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾، أي: والله طهره من الفظاظة والغلظة، وجعله قريبًا رحيمًا بالمؤمنين رؤوفًا. قال ابن عباس: ﴿لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾، قال: انصرفوا عنك.
وقوله تعالى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾، قال ابن إسحاق: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ﴾، أي: فتجاوز عنهم: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾، ذنوب من قارف من أهل الإِيمان منهم.
وقال قتادة في قوله: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ أمر الله عز وجل نبيه - ﷺ - أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء، لأنه أطيب لأنفس القوم، وأن القوم إذا شاور بعضهم بعضًا وأرادوا بذلك وجه الله، عزم لهم على أرشده.
وقوله: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾، قال الربيع: أمره الله إن عزم على أمرٍ أن يمضي فيه ويتوكل عليه.
وقوله تعالى: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، أي: النصر والخذلان بيده، يعز من يشاء ويذل من يشاء.