وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾. قال السدي في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾،
إن ضربها فأبت أن ترجع وشاقته، يقول: عادته. وقال سعيد بن جبير يعظها: فإن انتهت وإلا هجرها، فإن انتهت وإلا ضربها، فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلا السلطان، فيبعث حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فيقول الحكم الذي من أهلها: يفعل بها كذا، ويقول الحكم الذي من أهله: تفعل به كذا، فأيهما كان الظالم رده السلطان، وأخذ فوق يديه، وإن كانت ناشزًا أمره أن يخلع. وقال ابن عباس في قوله: ﴿إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا﴾، وذلك الحكمان، وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب.
وقال البخاري: باب الشقاق: وهل يشير بالخلع عند الضرورة؟ وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ الآية.
قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن المخاطب بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾، الحكام، وأن المراد بقوله: ﴿إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً﴾، الحكمان، وأن الحكمين يكون أحدهما من جهة الرجل، والآخر من جهة المرأة، إلا أن لا يوجد من أهلهما من يصلح، فيجوز أن يكون من الأجانب ممن يصلح لذلك، وأنهما إذا اختلفا لم ينفذ قولهما، وإن اتفقا نفذ في الجميع بينهما من غير توكيل. واختلفوا فيما إذا اتفقا على الفرقة: فقال مالك، والأوزاعي، وإسحاق: ينفذ بغير توكيل ولا إذن من الزوجين. وقال الكوفيون، والشافعي، وأحمد: يحتاجان إلا الإذن. فأما مالك ومن تابعه فألحقوه بالعنّين والمولى، فإن الحاكم يطلق عليهما، فكذلك هذا وأيضًا، فلما كان المخاطب بذلك الحكام، وأن الإرسال إليهم دل على أن بلوغ