واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله، لا يطيعهم أحد إلا بإذن الله.
قال ابن جرير: وإنما هذا تعريض من الله تعالى ذكره لهؤلاء المنافقين، بأن تركهم طاعة الله، وطاعة رسوله والرضى بحكمه، إنما هو للسابق لهم من خذلانه وغلبته الشقاء عليهم.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً﴾. قال مجاهد: عني بذلك: اليهود والمسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
قوله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾. قال مجاهد: هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى كعب بن الأشرف. وعن الزبير بن العوام: أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهدًا بدرًا مع رسول الله - ﷺ - في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما النخل. فقال الأنصاري: سرّح الماء يمر فأبى عليه. فقال رسول الله - ﷺ -:... «استق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك». فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله إن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله - ﷺ - ثم قال:
«استق يا زبير ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجِدْر» واستوعى رسول الله - ﷺ - للزبير حقه. وكان رسول الله - ﷺ - قبل ذلك أشار على الزبير، بل أي: أراد فيه الشفقة له وللأنصاري، فلما أحفظ رسول الله - ﷺ - الأنصاري استوعب للزبير حقه في صريح الحكم. قال فقال الزبير: ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ الآية. رواه ابن جرير. وفي رواية: ثم قال: «يا زبير احبس الماء إلى الجدر أو إلى الكعبين، ثم خل سيل... الماء».