فللشك الذي في قلوبهم، وأنهم لا يرجون لحضورها ثوابًا ولا
يخافون بالتخلف عنها من الله عقابًا. وكان قتادة وابن جريج يقولان: إنما قال من قال من المنافقين إذا كان الظفر للمسلمين: ﴿يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ﴾، حسدًا منهم لهم.
وقال البغوي: (قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ﴾، نزلت في المنافقين وإنما قال: ﴿مِنكُمْ﴾ لاجتماعهم مع أهل الإِيمان في الجنسية والنسب وإظهار الإِسلام، لا في حقيقة الإيمان. ﴿لَّيُبَطِّئَنَّ﴾، أي: ليتأخرن، وليتثاقلن، عن الجهاد. ﴿فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ﴾ أي: قتل وهزيمة، ﴿قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ﴾ بالقعود، ﴿إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً﴾، أي: حاضرًا في تلك الغزاة فيصيبني ما أصابهم. ﴿وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله﴾ فتح وغنيمة، ﴿لَيَقُولَنَّ﴾ هذا المنافق، وفيه تقديم وتأخير.
وقوله تعالى: ﴿كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾ متصل بقوله: ﴿فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ﴾، أي: معرفة، أي: ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم في تلك الغزاة، فأفوز فوزا عظيماً، أي: آخذ نصيبًا وافرًا من الغنيمة). انتهى ملخصاً.
وقوله تعالى: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ﴾. قال السدي: يقول: يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة. ﴿وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾، أي: كل من قاتل في سبيل الله سواء قتل أو غلب، فله عند الله مثوبة عظيمة وأجر جزيل.
قوله عز وجل: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل


الصفحة التالية
Icon