قال: وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت قافلة من الشام بالدرمك، ابتاع الرجل منهم فخص به نفسه، فأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير. فقدمت قافلة من الشام، وابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك، فجعله في مشربة له، وفي المشربة سلاح له درعان وسيفاهما وما يصلحهما، فعدا عديّ من تحت الليل فنقب المشربة وأخذ الطعام والسلاح، فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي تعلم أنه قد عديّ علينا في ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا، فذهب بسلاحنا وطعامنا. قال: فتجسسنا في الدار وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نراه إلا على بعض طعامكم.
قال: وقد كان بنو أبيرق قالوا: ونحن نسأل في الدار: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل، رجل منا له صلاح وإسلام، فلما سمع بذلك لبيد اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق فقال: والله ليخالطنكم هذا السيف ولتبين هذه السرقة، قالوا: إليك عنا أيها الرجل، فوالله ما أنت بصاحبها. فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله - ﷺ - فذكرت ذلك له.
قال قتادة: فأتيت رسول الله - ﷺ - فذكرت ذلك له فقلت: يا رسول الله إن أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا به. فقال رسول الله - ﷺ -: «سأنظر في ذلك». فلما سمع بذلك بنو
أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عروة، فكلموه في ذلك، واجتمع إليه ناس من أهل الدار، فأتوا رسول الله - ﷺ - فقالوا: يا