يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}، أي: ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله سبحانه، وإتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام). انتهى. وعن الربيع بن زياد أنه قال لأبيّ بن كعب: قول الله تبارك وتعالى: ﴿مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾ والله إن كان كل ما عملنا جزينا به هلكنا! قال: والله إن كنت لأراك أفقه مما أرى، لا يصيب رجلاً خدش ولا عثرة إلا بذنب، وما يعفوا الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفخة.
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾، قال الضحاك: فضل الله الإسلام على كل دين فقال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ إلى قوله: ﴿وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾، وليس يقبل فيه عمل غير الإسلام وهي: الحنيفية.
قال ابن كثير: وقوله: ﴿وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾، وهذا من باب الترغيب في اتباعه، لأنه إمام يقتدى به، حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له، فإنه انتهى إلى درجة الخلّة التي هي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه، كما وصفه به في قوله:... ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾، أي: الجميع ملكه وخلقه وعبيده، وهو المتصرف في ذلك، ألا له الخلق والأمر. ﴿وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً﴾، فلا يعذب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولا يخفى عليه شيء، وهو على كل شيء قدير. والله أعلم.
* * *


الصفحة التالية
Icon