ثم ساق بسنده عن ابن طاوس عن أبيه في قوله: ﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً﴾، قال: كان أهل الجاهلية يحرّمون أشياء ويحلّون أشياء، فقال الله قل: لا أجد فيما كنتم تحرّمون وتستحلّون إلا هذا: ﴿إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ﴾.
وعن عكرمة: ﴿أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً﴾، قال: لولا هذه الآية لتتّبع المسلمون من العروق ما تتبّعت اليهود. وعن ابن عمر أنه سئل عن القنفذ فقرأ: ﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ الآية، فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذُكِر عند النبي - ﷺ - فقال:
«خبيث من الخبائث». فقال ابن عمر: إن كان النبي - ﷺ - قاله فهو كما قال. رواه أبو داود.
وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، أي: من اضطر إلى كل ما حرّمه الله ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾، أي: في أكله تلذذًا من غير ضرورة ﴿وَلاَ عَادٍ﴾، أي: غير متجاوز في أكله، فلا حرج عليه. قال مجاهد: ﴿غَيْرَ بَاغٍ﴾ يبتغيه ﴿وَلاَ عَادٍ﴾ يتعدى على ما يمسك نفسه. وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
قال البغوي: أباح الله أكل هذه المحرّمات عند الاضطرار في غير العدوان. والله أعلم.
* * *


الصفحة التالية
Icon