قال ابن كثير: أي: الجميع تحت قهره وتسخيره ومشيئته، ولهذا قال منبهًا: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾، أي: له الملك والتصرف، ﴿تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.
قوله عز وجل: ﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦) ﴾.
عن ابن عباس: قوله: ﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً﴾، قال: السر أنه لا يحب المعتدين في الدعاء ولا في غيره. وقال ابن جريج: يكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء، ويأمر بالتضرع والاستكانة. ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾، أي: لا تفسدوا فيها بالشرك والمعاصي، ﴿بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾، أي: يبعث الرسل وبيان الشريعة.... ﴿وَادْعُوهُ خَوْفاً﴾ من عقابه، ﴿وَطَمَعاً﴾ في ثوابه، ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
قال ابن كثير: أي: إن رحمته مُرْصَدة للمحسنين، الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره، كما قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ الآية، وقال: ﴿قَرِيبٌ﴾ ولم يقل: قريبة، لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب، أو لأنها مضافة إلى الله، فلهذا قال: ﴿قَرِيبٌ
مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
. وقال مطر الورّاق: استنجزوا موعود الله بطاعة الله، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين. رواه ابن أبي حاتم.
قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ


الصفحة التالية
Icon