ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨) }.
قال المبرد في قوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ تقديره: الأنفال لله والرسول وإن كرهوا، كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن كرهوا. وقال عكرمة: ﴿فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ الآية، إن هذا خير لكم، كما كان إخراجك من بيتك بالحق خير لك. وعن مجاهد: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾، قال: كذلك يجادلونك في الحق. وعن ابن عباس قال: لما سمع رسول الله - ﷺ - بأبي سفيان مقبلاً من الشام، ندب إليهم المسلمين وقال: «هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعلّ الله أن ينفلكموها»، فانتدب الناس فخفّ بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله - ﷺ - يلقى حربًا. وقال أيضًا: لما شاور النبي - ﷺ - في لقاء القوم، وقال له سعد بن عبادة ما قال، وذلك يوم بدر، أمر الناس فتعبّوا للقتال، وأمرهم بالشوكة، وكره ذلك أهل الإِيمان، فأنزل الله: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى
الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾. قال ابن إسحاق: أي: كراهة للقاء القوم، وإنكارًا لمسير قريش حين ذكروا لهم.
وعن قتادة: قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾، قال: الطائفتان: إحداهما أبو سفيان بن حرب، إذ أقبل بالعير من الشام، والطائفة الأخرى: أبو جهل معه نفر من قريش، فكره المسلمون الشوكة والقتال، وأحبوا أن يلقوا العير، وأراد الله ما أراد.