عن الضحاك: ﴿إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ﴾، قال: المتحرّف: المتقدم من أصحابه ليرى غِرَّة من العدوّ فيصيبها، قال: والمتحيّز: الفارّ إلى النبي - ﷺ - وأصحابه، كذلك من فرّ اليوم إلى أميره وأصحابه. وفي الصحيحين عن النبي - ﷺ -: «أنه عدّ الفرار من الزحف في السبع الموبقات».
قوله عز وجل: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٧) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (١٨) ﴾.
عن مجاهد في قول الله: ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ﴾ لأصحاب محمد - ﷺ - حين قال هذا: قتلت، وهذا: قتلت. ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾، قال لمحمد حين حَصَب الكفار. وقال محمد بن كعب القرظي: لما دنا القوم بعضهم من بعض، أخذ رسول الله - ﷺ - قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم، وقال: «شاهت الوجوه، فدخلت في أعينهم كلهم»، وأقبل أصحاب رسول الله - ﷺ - يقتلونهم ويأسرونهم وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله - ﷺ -، وأنزل الله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى﴾ الآية. إلى: ﴿إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾، قال البغوي: ذلكم الذي ذكرت من القتل والرمي والبلاء الحسن، ﴿وَأَنَّ اللهَ﴾، قيل: فيه إضمار أي: واعلموا أن الله ﴿مُوهِنُ﴾ مضعف، ﴿كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾.
قوله عز وجل: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ