أصبحوا ثاروا إليه فرأوا عليًّا رضي الله عنه فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري، فاقتفوا أثره وأرسلوا في طلبه، فلما بلغوا الغار رأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخله لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاثًا، ثم قدم المدينة، فذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.
قال ابن إسحاق: فمكرت لهم بكيدي المتين، ثم خلّصتك منهم.
وقال ابن جريج: قوله: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ﴾، قال: كان النضر بن الحارث يختلف تاجرًا إلى فارس، فيمر بالعبّاد وهم يقرؤون الإنجيل ويركعون ويسجدون، فجاء مكة فوجد محمد - ﷺ - قد أنزل عليه وهو يركع ويسجد، فقال النضر: ﴿قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾ الذي سمع من العبّاد، فنزلت: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا﴾، قال: فقصّ ربنا ما كانوا قالوا بمكة، وقصّ قولهم إذ قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ﴾ الآية. وقال قتادة. قال ذلك سفهة هذه الأمة وجهلتها فعاد الله بعائدته ورحمته على سفهة هذه الأمة، وجهلهتا. وقال ابن عباس: لم يعذّب الله قرية حتى يخرج النبي منها والذين آمنوا، ويلحق بحيث يأمن، فقال: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، يعني: المسلمين، فلما خرجوا قال الله تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ الآية فعذّبهم الله يوم بدر.