سينبئهم بما صنعوا وهم لا يشعرون بذلك الوحي. وقال ابن عباس: لما دخل إخوة يوسف ﴿فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾، قال: جيء بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطنّ فقال: إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له: يوسف يدنيه دونكم، وأنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجبّ، قال: ثم نقره فطنّ فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدم كذب قال: فقال بعضهم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم! قال ابن عباس: فلا نرى هذه الآية نزلت إلا فيهم ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ قال: ثم إنهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميص يوسف عليه السلام.
﴿وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ﴾.
قال البغوي: قال أهل المعاني: جاؤوا في ظلمة العشاء ليكون أجرأ على الاعتذار بالكذب. وروي أن يعقوب عليه السلام سمع صياحهم وعويلهم فخرج وقال: ما لكم يا بنيُّ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فما أصابكم؟ وأين يوسف؟ ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾، أي: وما أنت بمصدّق لنا لسوء ظنّك بنا. وعن ابن عباس: ﴿وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾، قال: لو أكله السبع لخرق القميص. وعنه الحسن قال: لما جاء أخوة يوسف بقميصه إلى أبيهم جعل يقلّبه فيقول: ما عهدت الذئب حليمًا، أكل ابني وأبقى على قميصه.
وعن قتادة قال: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً﴾، يقول: بل زيّنت لكم أنفسكم أمرًا، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾، قال مجاهد: ليس فيه جزع،... ﴿وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾، قال قتادة: أي: على ما تكذبون.
قوله عز وجل: {وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى