كبيراً يعنون: وهو يحبه حبًا شديدًا ويتسلّى به عن ولده الذي فقده، ﴿فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذاً لَّظَالِمُونَ﴾.
قال البغوي: ولم يقل: إلا من سرق تحرّزًا من الكذب، ﴿إِنَّا إِذاً لَّظَالِمُونَ﴾ إن أخذنا بريئًا بمجرم. قال ابن إسحاق: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ﴾ يئسوا منه ورأو شدّته في أمره ﴿خَلَصُواْ نَجِيّاً﴾، أي: خلا بعضهم ببعض ثم قالوا: ماذا ترون؟ فقال: روبيل، كما ذكر لي، وكان كبير القوم: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ومن قبل ما فرطتم في يوسف.
قال ابن كثير: قال لهم: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللهِ﴾ لتردّونه إليه؟ فقد رأيتم كيف تعذّر عليكم ذلك، مع ما تقدّم لكم من إضاعة يوسف عنه ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ﴾، أي: لن أفارق هذه البلدة ﴿حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ في الرجوع إليه راضيًا عني، ﴿أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ * ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾، أي: قد وجدت السرقة في رحله، ونحن ننظر لا علم لنا بالغيب ﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾.
﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾، قال ابن عباس: يعنون مصر،... ﴿وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾، قال ابن إسحاق: أي: فقد علموا ما علمنا، وشهدوا ما شهدنا إن كنت لا تصدقنا، إنَّا لصادقون.
﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾، قال ابن إسحاق: اتّهمهم، وظنّ أن ذلك كفعلتهم بيوسف ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ﴾ أعرض عنهم وتتامّ حزنه،... ﴿وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾.


الصفحة التالية
Icon