وعن الزهري في قوله: ﴿مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾، قال: نرى أنه إذا حضر أجله فإنه لا يؤخر ساعة ولا يقدّم، وأما ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخّر ما شاء ويقدّم ما شاء.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾، أي: القرآن ﴿إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾، أي: هلا تأتينا بالملائكة شاهدة لك؟ قال الله ﴿مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ﴾ قال مجاهد: بالرسالة والعذاب ﴿وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ﴾.
قال البغوي: ومعناه أنهم لو نزلوا أعيانًا لزال الإمهال عن الكفار وعذّبوا في الحال.
وعن قتادة: قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ وقال في آية أخرى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ فأنزله الله ثم حفظه، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلاً ولا ينقص منه حقًا، حفظه الله من ذلك.
وقال ابن كثير: (ثم قرّر تعالى أنه هو الذي أنزل عليه الذكر وهو القرآن، وهو الحافظ له من التغيير والتبديل).
قلت: والحكمة في حفظ الله تعالى للقرآن دون سائر كتبه أنه آخرها، وأن الذي جاء به خاتم الأنبياء، فأبقاه الله محفوظًا حجة على خلقه.
وعن ابن عباس: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ﴾، يقول: أمم الأولين. وعن قتادة: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾، قال: إذا كذبوا سلك في قلوبهم أن لا يؤمنوا به ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ﴾، قال: وقائع الله فيمن خلا قبلكم من الأمم.


الصفحة التالية
Icon