عَلَى المُقْتَسِمِينَ} قال الفراء: مجازه: أنذركم عذابًا كعذاب المقتسمين. حكي عن ابن عباس أنه قال: هم اليهود والنصارى الذين ﴿جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ جزّؤوه فجعلوه أعضاء، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. وقال مجاهد: قسّموا كتابهم ففرّقوه وبدّلوه.
وقال ابن كثير: وقوله: ﴿المُقْتَسِمِينَ﴾، أي: المتحالفين، أي: تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم. وعن عطاء: ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾، قال: المشركون من قريش عضوا القرآن فجعلوه أجزاء، فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: شاعر، وقال بعضهم: مجنون، فذلك العضون. وعن أبي العالية: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، قال: يسأل العباد كلهم عن خلّتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين. وعن مجاهد في قوله: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾، قال: بالقرآن. وعن عبد الله بن عبيدة قال: ما زال النبي - ﷺ - متخفّيًا حتى نزلت: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ فخرج هو وأصحابه.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾، قال ابن إسحاق: كان عظماء المستهزئين - كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير - خمسة نفر من قومه، وكانوا ذوي أنساب وشرف في قومهم: الأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والحارث ابن الطلاطلة، فلما تمادوا في الشر، وأكثروا برسول الله - ﷺ - الاستهزاء، أنزل الله تعالى ذكره: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ﴾ إلى قوله: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾.
فحدّثني يزيد بن رومان: أن جبرائيل أتى رسول الله - ﷺ - وهم يطوفون


الصفحة التالية
Icon